Contents
إحجز موعد مع الدكتور عمرو رشيد إضغط هنا
الشعور بضيق التنفس او بضيق النفس هو أحد الاعراض الهامة التي تستدعي انتباه الشخص لزيارة الطبيب، الا ان السؤال الذي يطرحه المريض دائما علينا هو في أي تخصص يجب الاتجاه لتشخيص سبب ضيق التنفس و علاجه و سأتحدث في مقالي هذه عن أسباب ضيق التنفس و عوارضه المصاحبة و التي تُميِّز الأسباب بعضها عن بعض.
اذكر في البداية ان الشعور بضيق التنفس له مواصفات مختلفة بين المرضى، حيث ان بعض المرضى يقوم بوصفه على شكل اختناق و عدم القدرة على سحب النفس كاملا، و اخرون يصفونه بانه نقص في كمية الاوكسجين الواصلة الى الرئة و الجسد. من المواصفات الأخرى هو الشعور بالاختناق الليلي عند اللجوء الى النوم و الذي يختلف عن الشعور بالاختناق حين التمدد على الظهر و الذي لا يتحسن الا بالنوم في حالة الجلوس.
أيضا نذكر ان بعض المرضى يصف توقف التنفس اثناء النوم لمدة ثواني معدودة و من ثم أخذ النفس العميق من بعد هذا التوقف. يتم ملاحظة هذا النوع من ضيق النفس من قبل الأهل مِّنمن يسكنون مع الشخص. اخرن أيضا يذكرون وجود ضيق في التنفس الشديد اثناء المشي او اثناء المجهود.
من المهم جدا أيضا ان اذكر ان عملية التنفس هي عبارة عن شهيق (أخذ او سحب الهواء الى داخل الرئة) و زفير (اخراج الهواء من الرئة)، و أنَّ معظم حالات ضيق التنفس يتم وصفها اثناء عملية الشهيق، و القليل منها اثناء عملية الزفير.
جميع المواصفات المذكورة أعلاه تنم عن مشاكل صحية خاصة و سأقوم بسرد هذه الأسباب و المشاكل الصحية بحيث يتمكن القارئ من التوجه الى الطبيب المختص بشكل مباشر دون اللجوء الى عدة أطباء مع عدم وجود نتيجة دقيقة.
قبل ان ابدأ في مقالي، احب ان انوه ان الأسباب المؤدية الى الشعور بضيق التنفس متعددة، و لكن نقول ان الأسباب الأكثر شيوعا هي قلبية المنشأ في الأساس، و يجب على الشخص التنبه لها لما لها من أهمية في الوصول الى تشخيص صحيح و سريع دون اللجوء الى عدة فحوصات قد لا تودي الى الوصول الى التشخيص الدقيق، و سأتحدث بإسهاب عنها تحت عنوان الأمراض القلبية المسببة لضيق التنفس خلال هذا المقال.
أمراض تصيب المجاري التنفسية و الرئة، الأسباب و الاعراض و التشخيص و العلاج
تقسيم أسباب ضيق التنفس حسب المنطقة المصابة
من خلال عملية التنفس و أخذ النفس عبر الشهيق، يتم مرور الهواء من الفم أو الانف، مروراً بالحنجرة و من ثم الى القصبة الهوائية الرئيسيّة و التي تتفرَّع الى قصبتين هوائيتين يُمنى و يُسرى حيث يتم توزيع الهواء المُحَمَّل بالاكسجين الى كل من الرئة اليمنى و الرئة اليسرى.
تنقسم هذه القصبات الهوائية الى قُصيبات اصغر و الى شعب هوائية لتقوم على توزيع الهواء الى جميع أجزاء الرئة العليا و الوسطى و السفلى منها حتى تنتهي بإنشاء الحويصلات الرئوية و التي تكون على شكل أكياس هوائية صغيرة جدا و يتم من خلالها عملية تبادل الغازات من الاوكسجين و ثاني أوكسيد الكربون مع الشعيرات الدموية الدقيقة المحيطة بهذه الحويصلات الرئوية.
يحيط بهذه الحويصلات الرئوية النسيج الرئوي و المكوَّن من الشعيرات الدموية الدقيقة و ألياف نسيجية داعمة تعمل على تثبيت القصبات، الشُعَب، و الحويصلات الرئوية. و كذلك يحيط بالرئتين غشاء الرئة و الذي يدعى بالغشاء البلوري، حيث ان وظيفة هذا الغشاء تكمن في عزل الرئة عن القفص الصدري و عن الأعضاء الأخرى في الصدر من القلب و الشريان الابهر و المريئ و غيرها.
ان عملية الشهيق و الزفير هي عملية عضلية و يمكن للإنسان التحكم بها عبر انقباض العضلات المسؤلة عن التنفس مثل عضلات القفص الصدري و عضلة الحجاب الحاجز.
صورة توضح الرئة و القصبات الهوائية وصولا حتى القصيبات Bronchiols، و الحويصلات الهوائية Alveoli.
و بما انه من المعروف ان وظيفة الرئة الرئيسيّة تكمن في عملية تبادل الغازات بين اخراج غاز ثاني أكسيد الكربون و تزويد الدم بالاكسجين، فيجب معرفة ان مصدر الدم المحمل بثاني أوكسيد الكربون يأتي عبر الشريان الرئوي الذي يخرج من البطين الأيمن من القلب، و يعتبر ذلك المصدر هو اهم مصدر لدخول الدم عبر الرئة. يعود الدم المحمل بالاكسجين من الرئة الى القلب عبر الأوردة الرئوية الأربعة.
ان معرفة تكوين المجاري التنفسية المذكورة أعلاه هو امر مهم لمعرفة أسباب ضيق التنفس التي يمكن تقسيمها من حيث المنشأ الى الأقسام التالية و التي سأتحدث عنها بتفصيل اكبر عبر المقال:
- أمراض تصيب المجاري التنفسية العليا من الانف و الجيوب الأنفية.
- أمراض تصيب القصبات الهوائية الرئيسيّة.
- أمراض تصيب القصبات و الشعب الهوائية
- أمراض تصيب الحويصلات الهوائية.
- أمراض تصيب نسيج الرئة الداعم
- أمراض تصيب الغشاء البلوري المحيط و المُغلِّف للرئتين.
- أمراض تصيب العضلات المسؤلة عن عملية التنفس.
- أمراض تصيب الشريان الرئوي المزود الرئيسي للرئة بالدم
تقسيم أسباب ضيق التنفس من حيث منشأ السبب و التميز بين هذه الأسباب:
و حيث ان الأسباب الرئوية المؤدية الى ضيق التنفس متعددة، إلا و ان معظمها يتميز بوجود عارض مهم مصاحب لها و هو وجود السعال (الكحة). نذكر من هذه الأسباب ما يلي:
وجود التهابات تصيب الجيوب الانفية و المجاري التنفسية العليا من القصبات الهوائية مثل حالات الانفلونزا و التهاب الجيوب الحاد، او السفلى مثل التهابات الرئة. و كذلك الاتهابات التي تصيب غشاء الرئة و التي قد تودي الى تجمع سوائل ملتهبة في غشاء الرئة.
و من الأسباب المهمة التي تصيب القصبات الهوائية هو حدوث تحسس في القصبات و تضيق القصبات الهوائية الامر الذي يودي الى حدوث زمير و صفير مثل مرض الربو و تضيق الشعب الهوائية و تلف الحويصلات الهوائية الناجمة من التدخين المزمن. كذلك قد يحدث هذا التضيق بسبب وجود جسم غريب تم استنشاقه خطأً او وجود كتلة ورميّة في مجرى القصبات الرئيسيّة. و كذلك من الحالات التي تودي الى تضيق القصبات و انكماشها حالة التليُّن الرغامي tracheomalacia.
و كما انه هناك حالات تودي الى تضيق القصبات، فهناك حالات تودي الى توسع القصبات الهوائية الى درجات قد تودي الى تكيسات داخل الرئة، مثل حالة توس القصبات Bronchiectasis، و حالات انتفاخ الرئة emphysema و التي قد تودي الى حدوث التهابات متكررة في الرئة.
قد تكون أسباب تضيق القصبات ناتجة من ضغط خارجي على القصبات الهوائية و ليس من مرض يصيب القصبات بحد ذاتها، و تحدث أغلب هذه الحالات عند المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة و التي تودي الى زيادة الضغط الخارجي على الحنجرة و القصبات بما يدعى بمرض القصر النومي Obstructive sleep apnea، و هذه الحالة تودي الى توقف التنفس اثناء النوم و الى حدوث نقص حاد في الاوكسجين.
ما الأسباب المتعلقة بنسيج الرئة الداعم فهي تدعى بامراض الرئة الخِلالِيَّة (interstitial lung disease ) و كذلك أمراض النسيج الضام (connective tissue disease). و هذه الأمراض متعددة و كثيرة و اغلبها متعلق اما بامراض مناعية، او لأسباب تعود لتلوث بيئي و التعرُّض لاستنشاق غبار كيميائي و رذاذ من بعض المشتقات الصناعية مثل مادة الاسبست.
من اهم أسباب ضيق النفس التي يجب ذكرها هو حدوث جلطة رئوية في الشريان الرئوي و التي تعمل على انسداد احد الشرايين الرئوية المغذية للرئة مقللةً بذلك عملية تبادل الغازات، الامر الذي يودي الى نقص في تحميل الدم بالاكسجين و شعور المريض بضيق التنفس. هذه الحالة هي من الحالات التي قد يكون خطيرة و مهددة للحياة ان كانت الخثرة الرئوية كبيرة في تفرع الشريان الرئوي.
الأعراض :
ان جميع الأمراض المتعلقة بالرئة و القصبات و الحويصلات الرئوية و غشاء الرئة تتميز بوجود اعراض أخرى غير ضيق التنفس. و من من اهم هذه الاعراض هو وجود السعال (الكحة) و الآي قد تكون مزمنة في بعض الأمراض. و قد يصاحب هذا السعال أيضا خروج كميات من البلغم و الذي قد يكون بلون اصفر او أخصر داكن و الذي يشير الى وجود التهابات بكتيرية في القصبات و الرئة. و كذلك قد يكون البلغم و المخاط مخلوط ببعض الدماء.
قد يصاحب السعال أيضا وجود زمير اثناء عملية الزفير و في بعض الأحيان حتى اثناء الشهيق، و ان وجود الزمير انما هو دلالة على وجود أمراض تودي الى تضيقات في مجرى التنفس و التي من أهمها الربو القصبي و التهاب الشعب الهوائية المزمن.
و من الاعراض الأخرى و التي قد تصاحب وجود ضيق التنفس أيضا نذكر أهمها وجود الم الصدر و الذي يتميز بزيادة هذا الام عند أخذ النفس العميق او السعال، و لا تتغير طبيعة الألم مع الجهد كما هو الحال بالم الصدر الناتج من شرايين القلب. (اقرأ عن ألم الصدر و أسبابه).
اما حالة الجلطة الرئوية فنونه بالذكر انه لا يصاحب هذه الحالة السعال في معظم الأحيان، و أن ضيق التنفس يحدث بشكل مفاجئ الامر الذي يستدعي المريض الى اللجوء الفوري الى المستشفى.
التشخيص :
يتم تشخيص هذه الحالات بعدّة طرق، فقد يتم اجراء صورة أشعة سينية في البداية و التي قد تعطينا فكرة عن سبب اولي واضح مثل حالات وجود التهابات الرئة او تكيسات في الرئة او حتى اشتباه بوجود أي أورام. و يمكن ايض عبر اجراء الأشعة السينية دراسة وجود أي تجمع سوائل في غشاء الرئة او أي احتقان رئوي ناتج عن أمراض قلبية.
يتم تشخيص اغلب حالات و أمراض الرئة عبر اجراء الصورة الطبقية المحورية للرئة، سواء بإعطاء صبغة لدراسة الشريان الرئوي و تشخيص حالة الجلطة الرئوية بشكل دقيق او دراسة وجود أي أورام رئوية، او بدون صبغة لدراسة نسيج الرئة و الحويصلات و الشعيبات الهوائية. ان دقة الصورة الطبقية تصل الى اكثر من ٩٥٪ في تشخيص الكثير من الأمراض الرئوية المسببة لضيق التنفس.
في حالات اشتباه وجود انسداد في القصبات قد نحتاج الى اجراء فحص وظائف الرئة و الذي يدل على التضيق و التميز بين أسباب مختلفة لضيق النفس و السعال. لا يحب اجراء هذا الفحص الا بحالات وجود السعال المتكرر و المصاحب لزمير بشكل مزمن.
في حال وجود تجمع سوائل في الغشاء البلوري للرئة، يمكن أخذ عينة من هذا السائل و دراسة أسباب تجمعه مخبريا حيث قد بدل على وجود التهابات او أورام او غيرها. كذلك يمكن أخذ عينة او خزعة من الغشاء للكشف عن وجود بعص الحالات الخاصة مثل حالات مرض السل او أي أورام تصيب الغشاء
قد يتطلب التشخيص في بعض الحالات اجراء تنظير خاص للقصبات الهوائية و أخذ عينات من القصبات او يمكن أيضا اجراء تنظير علاجي للقصبات لاستخراج أي اجسام غريبة تم استنشاقها خطأ.
يتم تشخيص حالات اشتباه وجود النوم القصري عبر اجراء الفحص الخاص لها و الذي يدعى بفحص النوم sleep study.
العلاج :
تعتمد الية العلاج كما هو هو معروف على طبيعة السبب، حيث يتم علاج التهاب القصبات او التهاب الرئة عبر إعطاء المضادات الحيوية اما عن طريق الفم، و اما وريدا ان كان الالتهاب شديدا. و قد نحتاج الى إعطاء بعض موسعات القصبات و مقشعات البلغم للحد من شدة السعال المصاحب لهذه الحالات.
يتم الاعتماد في علاج أمراض تضيق القصبات الهوائية على إعطاء البخاخات او التبخيرات التي تحتوي على محفزات بيتا و غيرها التي تودي الى توسع القصبات الهوائية. و أيضا قد نحتاج الى إعطاء علاج الكورتيزون للحد من الالتهاب المزمن الذي قد يصيب القصبات و الشعب الهوائية و يودي الى تدميرها.
في حال وجود تجمع سوائل شديد في الغشاء البلوري المحيط للرئة، فيمكننا سحب هذه السوائل عبر تركيب أنبوب صغير عبر الصدر وصولا الى الغشاء و يتم تفريغ هذه السوائل عبر الأنبوب و التخلص منها.
اما حالات الجلطة الرئوية فيتم علاجها بشكل أساسي داخل المستشفى حيث يتم إعطاء مميعات الدم الخاصة التي يقوم على حفر قنوات عبر الخثرة حتى ذوبانها نهائيا. (اقرأ عن مميعات الدم في مقال الوارفارين).
و اما عن الأمراض المناعية و النسيجية الضامة او أمراض الرئة الخِلاليِّة فان آلية علاجها تعتمد على طبيعة المرض، فقد يحتاج المريض الى علاج الكورتيزون بالإضافة الى العلاجات المناعية المتعددة للحد من تقدم المرض.
اما علاج حالات القصر النومي فيتم علاجها في الأساس عبر إزالة عامل السمنة قدر الإمكان و هناك معدات و أجهزة خاصة تقوم على ضخ الهواء و الأكسجين بقوة تعمل على فتح المجاري التنفسية المتضيقة.
والان يمكنك الاطلاع على الموضوع الخاص بالعلاقه بين ضيق التنفس وأمراض القلب بالضغط على الرابط
إحجز موعد مع الدكتور عمرو رشيد إضغط هنا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم الدكتور عمرو رشيد
أخصائي أمراض القلب و الشرايين
أخصائي قسطرة الأوعية الدموية و الشبكات
هاتف: ٠٧٧٥٦٦١٠٠٦ / ٠٦٥٦٦١٠٠٦